فصل: باب زكاة الزرع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اختلاف الأئمة العلماء



.كتاب الزكاة:

وأجمعوا على أن الزكاة أحد أركان الإسلام، وفرض من فروضه، قال اللَّهِ تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}.
قال العتيبي: أصل الزكاة النماء، والزيادة، وسميت بذلك لأنها تثمر المال وتنمية، يقال: زكاة الزرع إذا كثر ريعه، وزكت النفقة إذا بورك فيها ومنه: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً}أي نامية.
وأجمعوا على وجوب الزكاة في أربعة أصناف: في المواشي، وجنس الأثمان، وعروض التجارة، والمكيل المدخر من الثمار والزروع بصفات مخصوصة.
فنبدأ بذكر ما فيه زكاة من كل صنف، ثم بما اختلف فيه، ثم بما لا زكاة فيه.
فأما المواشي: فأجمعوا على وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم وهي بهيمة الأنعام بشرط أن تكون سائمة.
وأجمعوا على أن الزكاة في كل جنس من هذه الأجناس الثلاثة تجب بكمال النصاب واستقرار الملك وكمال الحول، وكون المالك حرا مسلما.
واختلفوا هل يشترط البلوغ والعقل؟
فقال مالك والشافعي وأحمد: لا يشترط البلوغ ولا العقل بل الزكاة واجبة في مال الصبي والمجنون.
وقال أبو حنيفة: يشترط ذلك ولا يجب عنده زكاة في مال صبي ولا مجنون.
واتفقوا على أن الزكاة لا تجب في شيء من ذلك كله مع وجود هذه الشرائط إلا أن يكون السوم صفة لها. إلا مالكا فإنه أوجب الزكاة في العوامل من الإبل والبقر، والمعلوفة من الغنم، لإيجابه ذلك في السائمة منها والعوامل.
وأجمعوا على أن النصاب الأول في الإبل خمس، وأن في خمس منها شاة، وفي عشر شاتان، وخمسة عشر ثلاثة شياه، وفي العشرين أربع شياه إلى الخمس والعشرين ففيها بنت مخاض وهي بنت سنة كاملة إلى خمس وثلاثين، فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمسة وأربعين، فإذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة إلى ستين، فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإذا بلغت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون إلى تسعين، ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على العشرين ومائة واحدة فإن الفقهاء اختلفوا.
فقال أبو حنيفة: تستأنف الفريضة بعد العشرين ومائة ففي كل خمس شاة مع الحقتين، إلى مائة وخمسة وأربعين فيكون الواجب فيها حقتين وبنت مخاض.
ثم قال: فإذا بلغت مائة وخمسين ففيها ثلاث حقات وتستأنف الفريضة بعد ذلك، فيكون في كل خمس شاة مع ثلاث حقات، وفي العشر شاتان، وفي الخمسة عشر ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض، وفي ست وثلاثين بنت لبون، فإذا بلغت مائة وستة وتسعين ففيها أربع حقاق إلى مائتين، ثم تستأنف الفريضة أبدا كما استؤنف في الخمسين التي بعد المائة والخمسين.
وقال الشافعي وأحمد في اظهر روايته: أن زيادة الواحدة تغير الفريضة، فيكون في مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون، وتستقر الفريضة عند مائة وعشرين فيكون في كل خمسين حقه، وفي كل أربعين بنت لبون وعلى هذا أبدا. قلت: وهذا هو الصحيح.
وعند أحمد رواية أخرى أنه لا يتغير الفرض إلا بزيادة عشر، فلا شيء في زيادتها حتى تبلغ ثلاثين ومائة فيكون الحقتان في إحدى وتسعين إلى مائة وسبعة وعشرين فإذا صارت مائة وثلاثين ففيها حقة وبنتا لبون، وهي اختيار عبد العزيز من أصحابه وبها يقول أبو عبيد القاسم ابن سلام، ومحمد بن إسحاق، وعن مالك روايتان كالروايتين عند أحمد سواء إلا أن أظهرهما عند أصحابه.
ما رواه ابن القاسم، وابن الحكم وغيرهما: أنها إن زادت عن عشرين ومائة فالساعي بالخيار بين أن يأخذ ثلاث بنات لبون، أو حقتين، والرواية الأخرى رواها عبد الملك بن عبد العزيز عنه أنه: لا يتغير الفرض إلا بزيادة عشر حتى تصير ثلاثين ومائة، فإذا صارت كذلك أخذ من كل خمسين حقة ومن كل أربعين بنت لبون.
قال أصحابه: وهذا هو الأصح قياسا.
واختلفوا فيما إذا كان عنده خمس من الإبل فأخرج منها واحدة؟
فقال أبو حنيفة والشافعي: تجزئه.
وقال مالك وأحمد: لا تجزئه والواجب شاة.
واختلفوا فيما إذا بلغت الإبل خمسا وعشرين ولم يكن في ماله بنت مخاض، ولا ابن لبون؟
فقال مالك وأحمد: يلزمه شراء بنت مخاض، وقال الشافعي: هو مخير بين شرائها وشراء ابن لبون.
وقال أبو حنيفة: تجزئه بنت مخاض أو قيمتها.
وأجمعوا على أنه البخت والعراب والذكور والإناث في ذلك سواء.
وأجمعوا على أنه يؤخذ من الصغار صغيرة، ومن المراض مريضة، وأن الحامل إذا أخرجها مكان الحائل لا تجزئ عن الحامل.
وقال الشافعي: إنما يؤخذ من الصغار صغيرة في الغنم خاصة، ولأصحابه في العجول والفصلان وجهان.
واتفقوا على أن النصاب الأول في البقر ثلاثون وأنه إذا بلغتها ففيها تبيع أو تبيعة، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة.
ثم اختلفوا فقال مالك والشافعي وأحمد: ثم لا شيء فيها سوى مسنة إلى تسع وخمسين، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان إلى تسع وستين، فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنة، فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان، وفي تسعين ثلاثة أتبعة، وفي مائة تبيعان ومسنة، وعلى هذا أبدا يتغير الفرض في كل عشرة من تبيع إلى مسنة.
واختلف عن أبي حنيفة فروي عنه كمذهب الجماعة المذكورة، وصاحباه أبو يوسف ومحمد على هذه الرواية وعنه رواية أخرى لا شيء فيما زاد على الأربعين سوى مسنة إلى أن تبلغ خمسين، فيكون فيها مسنة وربع وعنه رواية ثالثة وهي التي عليها أصحابه اليوم أنه يجب في الزيادة على الأربعين بحساب ذلك إلى الستين، فيكون في الواحدة ربع عشر مسنة، وفي الاثنين نصف عشر مسنة، وفي الثلاثة ثلاثة أرباع عشر مسنة.
واتفقوا على أن الجاموس والبقر في ذلك سواء.
واتفقوا على أن من ملك نصابا من البقر الوحش سائمة أنه لا زكاة فيها.
إلا أحمد فإنه أوجب فيها الزكاة في إحدى الروايتين عنه.
واختلفوا في الوقص وهو ما بين الفريضتين هل الزكاة واجبة فيه، وفي النصاب أم في النصاب دون الوقص؟
فقال أبو حنيفة وأحمد: الزكاة في النصاب دون الوقص.
وعن مالك روايتان، أحدهما: تجب في النصاب والوقص، وفي الرواية الأخرى: تجب في النصاب دون الوقص.
قال عبد الوهاب: وهو الظاهر من المذهب.
وعن الشافعي قولان كالروايتين إلا أن أظهرهما وجوب الزكاة في النصاب دون الوقص.
واتفقوا على أن الخيل إذا كانت معدة للتجارة ففي قيمتها الزكاة إذا بلغت نصابا.
واختلفوا في زكاة الخيل إذا لم تكن للتجارة.
فقال مالك والشافعي وأحمد: لا زكاة فيها بحال إذا لم تكن للتجارة.
وقال أبو حنيفة: إذا كانت سائمة الخيل ذكورا وإناثا ففيها الزكاة، وإذا كانت ذكورا منفردة فلا زكاة فيها.
وصاحب الجنس الواجب فيه منها الزكاة بالخيار إن شاء أعطى عن كل فرس دينار، وإن شاء قومها فأعطى عن كل مائتي درهم خمسة دراهم، ويعتبر فيها الحول والنصاب بالقيمة من أول الحول إذا كان يؤدي الدراهم عن القيمة وإن كان يؤدي بالعدد من غير تقويم أدى عن كل رأس دينارا، إذا تم حوله وعنه رواية أخرى أن الخيار في ذلك الساعي.
واتفقوا على أن البغال والحمير إذا كانت معدة للتجارة فإن فيها الزكاة وأن حكمها حكم التجارات في اعتبار الحول والنصاب بالتقويم.
واتفقوا على أنها إذا لم تكن للتجارة فلا زكاة فيها.

.باب زكاة المال:

أجمعوا على أن أول النصاب في الغنم أربعون فإذا بلغتها ففيها شاة ثم لا شيء في زيادتها إلى أن تبلغ مائة وعشرين فالواجب فيها شاة، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين، فإذا زادت على المائتين واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه ثم في كل مائة شاة، وعلى هذا الضأن والماعز متوازين.
واختلفوا فيما إذا ملك من الغنم عشرين ثم توالدت عشرين سخلة.
فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في الرواية المشهورة: يستأنف الحول من يوم ملك الأمهات وجبت الزكاة.
واختلفوا في السخال والحملان والعجاجيل إذا تم نصابها وكانت منفردة عن أمهاتها هل تجب فيها الزكاة؟
فقال مالك والإمام الشافعي وأحمد: إذا ملك أربعين سخلة أو ثلاثين عجلا ابتدأ الحول عليها من حين ملكيتها، وكذلك إن نتجتها عنده الأمهات وماتت الأمهات قبل تمام الحول، بني حول السخال والعجاجيل على حول الأمهات.
إلا أن مالكا قال: يخرج عنها الجذعة من الضأن أو الثنية من الماعز.
وقال أبو حنيفة: لا تجب فيها الزكاة ولا ينعقد عليها حول ولا يكمل بها حول الأمهات إلا أن يبقى شيء من الأمهات، ولو واحدة.
وعن أحمد رواية مثله.
واختلفوا في المتولدة بين الظباء والغنم، وبين البقر الإنسية والوحشية.
فقال أبو حنيفة: إن كانت الأمهات وحشية فلا تجب الزكاة فيها، وإن كانت الأمهات أهلية وجبت الزكاة فيها، وقال مالك كذلك فيما حكاه ابن نصر.
وقال الإمام الشافعي: لا تجب الزكاة فيها بحال.
وقال أحمد: تجب فيها الزكاة سواء كانت الأمهات أهلية والفحول وحشية، أو الأمهات وحشية والفحول أهلية.
واختلفوا فيما إذا كانت الغنم كبارا فما الذي يؤخذ منها؟
فقال أبو حنيفة: تؤخذ من الجنسين جميعا الضأن والماعز الثني خاصة فما فوقه.
وقال مالك: يؤخذ منها الجذعة من الضأن خاصة فما فوقها. وقال الشافعي وأحمد: يؤخذ الجذعة من الضأن والثني من الماعز فما فوقها.
واختلفوا فيما إذا كانت غنمه إناثا كلها، أو ذكورا وإناثا، أو ذكورا وحدها، ما الذي يؤخذ من كل منها.
فقال أبو حنيفة: يجوز أخذ الذكور من كل منها.
وقال مالك والشافعي وأحمد: إن كانت إناثا كلها، أو ذكورا وإناثا، لم يجز إلا الأنثى، وإن كانت كلها ذكورا أجزأ الذكر.
والجذع من الضأن: هو الذي له ستة أشهر.
والثني من الماعز: هو الذي له سنة.
وبنت المخاض: سميت بنت مخاض لأن أمها قد لحقها المخاض وهو وجع الولادة.
وابن اللبون: هو الذي له سنتان، ودخل في الثالثة.
وبنت اللبون مثله. سميت بنت لبون لأن أمها يومئذ لبون أي ذات لبن.
والحقة: التي لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، وسميت حقة لأنها استحقت أن تركب ويحمل عليها.
ويقال للذكر حق، وقيل: سميت بذلك لأنها استحقت أن يطرقها الفحل.
والجذعة من الإبل: هي التي لها أربع سنين ودخلت في الخامسة، وهو أعلى سن يؤخذ في الزكاة.
والتبيع: هو الذي له سنة، والتبيعة: مثله.
والمسنة: التي لها سنتان.
والنصاب: عبارة عن المقدار الذي يتعلق به الفريضة.
والوقص: ما بين الفريضتين، ويقال: فيه وقص ووقص بتحريك القاف وتسكينها.
والسائمة: عبارة عما يكتفي من المواشي بالرعي في أكثر الحول.

.باب الخلطة:

اتفقوا على أن الخلطة لها تأثير في وجود الزكاة في المواشي.
إلا أبا حنيفة فإنه قال: لا تأثير لها في ذلك.
ثم اختلف مؤثروها في الماشية هل تؤثر فيما عدا المواشي؟
فقال مالك وأحمد في إحدى روايتيه والشافعي في إحدى قوليه: إنها لا تؤثر.
وقال الشافعي في القول الآخر، وأحمد في الرواية الأخرى: أن لها تأثيرا في جميع الأموال.
ثم اختلف موجبو التأثير بالخلطة في مقدارها.
فقال مالك: تأثيرها أن يكون لكل واحد من الخليطين نصاب.
وقال الشافعي وأحمد: يصح التأثير بذلك، وبأن يكون لكل واحد منهما أقل من النصاب.

.باب زكاة الزرع:

اتفقوا على أن النصاب معتبر في الزروع والثمار.
إلا أبا حنيفة فإنه لا يعتبر فيه النصاب بل يجب العشر في قليلة وكثيرة.
ومقدار النصاب فيه خمسة أوسق والوسق ستون صاع، والصاع خمسة أرطال وثلث رطل عند مالك والشافعي وأحمد، وهم الذين يرون اعتبار النصاب، فيكون مقدار نصابه ألف رطل وستمائة رطل.
واختلفوا في الجنس الذي يجب فيه الحق ما هو؟ وما قدر الواجب فيه؟
فقال أبو حنيفة: يجب في كل ما أخرجت الأرض في قليلة وكثيرة العشر، سواء سقي بتسييج أو سقته السماء إلا الحطب والحشيش والقصب خاصة.
وقال مالك والشافعي: الجنس الذي يجب فيه الحق هو ما ادخر خاصة، واقتيت به كالحنطة والشعير والأرز وغيره.
وقال أحمد: يجب العشر في كل ما يكال ويدخر من الزروع والثمار.
ففائدة الخلاف بين مالك والشافعي وأحمد: أن أحمد يجب عنده العشر في السمسم وبذر الكتان والكمون والكراوية والخردل واللوز والفستق.
وعندهما لا يجب ذلك فيه.
وفائدة الخلاف مع أبي حنيفة أن عنده يجب في الخضروات كلها، وعند مالك والشافعي وأحمد: لا زكاة فيها.
ومقدار الواجب فيما تجب فيه الزكاة من ذلك عند أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد على اختلافهم فيه كما ذكرنا العشر مع كونه يسقى سيحا بلا مؤتة أو سقته السماء وإن كان يسقى بالنواضح والكلف فنصف العشر.
واختلفوا في الزيتون، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين والشافعي في إحدى القولين: فيه الزكاة.
وقال الشافعي في القول الآخر وأحمد في الرواية الأخرى: لا زكاة فيه.
واختلفوا هل يجمع العشر والخراج؟
فقال أبو حنيفة: ليس في الزرع من أرض الخراج عشر.
وقال مالك وأحمد والشافعي: أرض الخراج فيها العشر لأن العشر في غلتها، والخراج في رقبتها.